القنطار"يُرَغلِج" البوصلة: إلى مابعد بعد شبعاكارل كوسا - 18/07/2008م - 1:28 م | مرات القراءة: 545
-----------------------------------------------------------------------
لا شكّ أنّ كلمة عميد الأسرى المُحرَّر سمير القنطار، التي ألقاها أمس في قريته عبيه، أزعجت الكثير من "صهيونجيّة" (ouaga, par exemple) الخارج والداخل، تماماً كما خلَّفت أثراً مُرعباً وقلقاً غير مُستحبّ في نفوس قادة الكيان الصهيوني.ولكن، ممّا لا شكّ فيه، كذلك، في الوقت عينه، أنّ كلام القنطار رسم ملامح المُقاومات الباسلة، للمرحلة المقبلة، من المحيط إلى الخليج، مطمئناً مناصري المقاومات العربية والإسلامية واليسارية وغيرها إلى أنّ قضية فلسطين وشعبها الجبّار والمُحاصَر لن تكون بعد اليوم فعلاً ماضياً ناقصاً ومنسيّاً، بعدما حدَّد ساحة المواجهة ووجهتها، و"رغلَجَ" بوصلة السلاح المقاوم، بعبارته المُصاغة "نصراللوياً": "إلى ما بعد بعد شبعا".
هذا الكلام لن يروق البعض حتماً، وسوف يُتحفنا مجدَّداً (هذا البعض) بنظريّات كـ "الحياد الإيجابي" و"إخراج لبنان من ساحة الصراع الصهيوني – العربي"، وما شاكل من "كليشيهات" مُعلَّبة وجاهزة للإطلاق في أيّ زمان ومكان، هدفها تضليل الرأي العامّ عبر محاولة إقناعه بأنّ "إسرائيل" راعية "السلام" الأولى في العالم، وبأنّ لبنان غير معني بقضايا العرب!
بيد أنّ كلّ هذه "الخزعبلات" لن تؤثّر في مسيرة سمير القنطار، الذي فاجأ "عرب أميركا" بثباته وعزمه على مواصلة النضال، بعدما ظنّوه سيستجدي "التقاعد" والراحة، عقب كلّ ما عاناه طوال ثلاثين عاماً.
إلاّ أنّ سمير لم يخذل مُحبّيه والأجيال التي تربّت وترعرت على بطولاته وقضيّته. بل كان أجمل مّما انتظروه وتوقَّعوه، حين وجدوه مقاومةً راسخة، متجسِّدةً في إنسان لا يعرف القنوط والتعب ولا الاعتذار والاعتزال أيَّ سبيل في قاموسه الفريد.
لا غرابة، إذاً، أن تعمّ الأعراس الوطنية والاحتفالات الوطن العربي بأسره، بعدما أدركت شعوبه أنّ "أسطورتهم" (سمير القنطار) لم تنتهِ بالتحرير مسلسلاً تلفزيونياً أو مجرّد قصّة تحقّق أرقاماً قياسية في المبيعات!
سمير يعرف عدوّه جدّاً. لقد عاشره عن كثب، و"خبزه وعجنه" عن قرب، وعانى ما عاناه منه، ويعرف جيّداً كذلك أنّ فلسطين ما دامت مُحتلَّة لن تهدأ عاصمة عربية وتهنأ باستقرار شامل وتامّ.
لذا جاء صوت "مُنبّهه" الذي قرعه أمس مدوّياً، ليذكِّر مَن تنفعه الذكرى بعد بأنّ المغتصِب واحد والمغتصَب واحد، وبأنّ أيّ شقاقات داخلية من شأنها حرف "البوصلة" عن "قِبلة" القضية الأساس والأمّ.. وليؤكّد لكلّ عربي يدعو إلى "اللا مبالاة" وعدم الاكتراث باغتصاب فلسطين وانتهاك شعبها أنّ الصدف، التي لا يؤمن بها، لا يمكنها أن توحّد مصالح العدوّ والعرب، وليطرق باب ضمائر تمتثل بـ "الريموت كونترول" إلى رغبات الاحتلال، عبر الأداة الأميركية الساعية إلى إراحة إسرائيل وتوفير أمنها أوّلاً، الذي لا يتجلّى إلاّ في زعزعة استقرار لبنان (والمنطقة) وإشاعة الفتن والتناحرات الداخلية فيه، وإبادة أبنائه "بالجملة"، كما يتطلّب "جنين" كوندوليزا رايس "الشرق الأوسط الجديد" الذي لن يكون بعد عملية الرضوان الأخيرة سوى "مخاض" كاذب لإدارة إرهابية بلغت سنّ الوهم..واليأس.