Ainsi se chiitisent les maghrebins...

هكذا يتشيع أبناء المغرب العربي

هكذا يتشيع أبناء المغرب العربي



يحيى بوزيدي، باحث جزائري - خاص بالراصد



تعتبر ظاهرة التشيع جديدة في المغرب العربي وهي ظاهرة تشهد تطورا وتقدما، حيث أصبحت تطفو إلى السطح من خلال وسائل الإعلام التي رصدت العديد من نشاطاتهم كالاحتفال بعاشوراء في بعض ولايات الجزائر هذه السنة أو القضايا التي تثار ويكونون طرفا فيها كقضية المعلمين الذين تم تحويلهم إلى وظائف إدارية بسبب سب الصحابة، وغيرها من الأحداث.

ولازالت الظاهرة في طور القبول الفردي من حيث القبول، وتسعى للتوسع بالانتقال إلى الإطار الأسري، إذ تحدث بعض المتشيعين عن تشيع أسر بأكملها وهذا أمر ليس مستبعدا فالبداية تكون باستهجان الأسرة لتشيع أحد أفرادها ثم يصبح أمرا واقعا وإذا ما كانت الأسرة ضعيفة من الجانب الديني وخاصة العقدي (وهذا حال معظم الأسر في المغرب العربي) تكون الدعوة إلى التشيع أسهل وأيسر.

و في اتجاه آخر يحاول المتشيعون الانتقال من التواصل السري إلى العمل داخل أطر تنظيمية علنية، كتأسيس جمعيات (جمعية الغدير وجمعية البصائر في المملكة المغربية نموذجا)، ثم تكوين أحزاب أو اختراق بعض الأحزاب القائمة خاصة الإسلامية منها، ورغم الجدل الذي أثير بعد إعلان السلطات المغربية عن تفكيك شبكة إرهابية مرتبطة بحزب الله فإن هناك سوابق تاريخية لا تستبعد وجود حزب الله المغربي والجزائري على غرار الأحزاب التي حملت نفس الاسم في الخليج العربي، حيث تتواجد أقليات شيعية، إذا فالمسألة مرتبطة بوجود شيعي يتراكم بمرور الوقت، وأيضا بسبب الطبيعة الثورية للنظام الإيراني وحركية العقيدة الشيعية التي تصب كلها في نفس الاتجاه.

ولأن من المستنكر في مجتمع سني مثل الجزائر والمغرب وجود من يقبل معتقدات الشيعة كسبّ الصحابة والطعن في أمّنا عائشة رضوان الله عليها والاعتقاد بالإمام الغائب ...الخ، لكن هذا المستنكر قد وقع - ولا حول ولا قوة إلا بالله- كان لا بد من البحث في مداخل قبول التشيع من أبناء المغرب العربي، وما هي الآليات والوسائل التي توظف في هذا المجال.

تشير بعض التقارير والتحليلات إلى أن التحول إلى التشيع سببه السعي وراء مآرب مادية وزواج المتعة، حيث أشار الباحث فريد مسعودي إلى أن من أسباب التشيع عند بعض الجزائريين هو زواج المتعة، وتحدث عن إدمانهم له وسفرهم إلى سوريا ومن ثم إلى جنوب لبنان كلما سمحت لهم الظروف بذلك، ولا شك في أهمية ما قاله فريد مسعودي ولكن أرى بأن هذه عوامل تأتي في مرحلة أخرى لتثبيت المتشيع وليس في بداياته، وذلك لأننا أمام ظاهرة دينية تبحث عن السمو الروحي وعن الدار الآخرة وموضوع زواج المتعة إذا ما جاء في بداية الدعوة ستكون له آثار عكسية ويشوه صورة الشيعة عموما وينفر منها أصحاب الفطر السليمة، ومما يؤكد هذا أن هناك تقارير أخرى تتحدث عن انتشار ظاهرة التشيع في أوساط طلبة المدارس من خلال المعلمين الذين يظهرون بمظهر الزاهد الورع، ويتمتعون بالتقدير والتبجيل من قبل الطلبة، من هنا فإنني أستبعد كون زواج المتعة من أسباب التشيع في المغرب العربي.



مراحل التشيع: يبقى المدخل الأهم وهو ما يصطلح عليه بالتشيع السياسي الذي يتحول إلى تشيع ديني تدريجيا عبر مراحل نرصدها كالتالي:

في البداية يكون الحديث عن فلسطين وحال الأمة من هوان وضعف وتكالب الغرب عليها وما يفعله العدو الصهيوني في فلسطين، ثم الحديث عن تخاذل الأنظمة العربية عن نصرتهم وتواطؤ بعض الحكومات في العمالة، ثم الربط بين الحكومات والعلماء ومداهنتهم لها ووصفهم بأشنع الأسماء (علماء البلاط، علماء الحيض والنفاس)، وكذا اتهامهم بإغفالهم قضايا الأمة وتثبيطهم عن الجهاد، بعد هذا ينتقل الحديث إلى ذكر بطولات المقاومة في فلسطين ولبنان خاصة خطابات حسن نصر الله المؤثرة والمحركة للعواطف، وأيضا يتم مقارنة مواقف الحكومات العربية بموقف إيران ودعمها للمقاومة في فلسطين ولبنان، وفي كل هذه المراحل يلعب الإعلام دورا هاما والفضائيات بدرجة أولى، وكمثال بسيط على ذلك إذا ما انتقد أي شخص إيران يرد عليه مباشرة بالقول: ماذا تفعل الحكومات العربية ألم تشاهد البارحة في قناة الجزيرة تصريح الرئيس الفلاني أو الوزير الفلاني، ألم تشاهد ما قاله الرئيس الإيراني أو حسن نصر الله، و تزود بعض الأفلام الوثائقية التي تبث في قناة الجزيرة وقناة العالم وغيرها من القنوات المدافعين عن إيران بالكثير من المعلومات الدعائية والتي ترسخ هذه الأفكار.

إلى هنا يكون الشاب/ الشابة المستهدف قد أصبح مهيئاً نفسيا لقبول فكرة التشيع، لينتقل إلى مرحلة أخرى يكون مدخلها بالعبارات التالية أو نحوها: ثم يقولون أن حزب الله شيعي، والسنة لا يحركون ساكنا وها هو حسن نصر الله يواجه عدونا ويهزمه، وتقف في وجهه كل الحكومات العربية وعلماء السنة متواطئون، وبدل الجهاد يطعنون المقاومة التي تضحي بالغالي والنفيس في الظهر، صحيح أنهم شيعة ولكن في النهاية هم مسلمون وهذا مجرد اختلاف مبني على أدلة من الكتاب والسنة بل وحتى من صحيح البخاري.

ثم يبدأ في طرح الشبهات تلو الأخرى على الشخص المستهدف، ثم يحال إلى مراجع وكتب شيعية أو بالأحرى لبعض المتشيعين مثل كتاب "ثم اهتديت"، عندها تكون قد اكتملت الكثير من خطوات تشيعه، وهنا تحظى الفريسة بعناية كبيرة ويحاط بجو أخوي وصداقة يكون هذا الشخص مفتقدا لها أو غير مدرك لأبعادها، إذ أن العناية بالفرد في هذا الوسط تتجاوز الأخوة الحقيقية حيث يزود بالكثير من المراجع والكتب الشيعية الدعائية، وتستغل الحماسة الشديدة فيه وحب التطلع والظهور، وهنا تكون قد اكتملت حلقة التشيع لتأتي في مرحلة التثبيت فيوظف هنا عاملا المال وزواج المتعة، فيحث على القراءة وطلب العلم والسفر والدراسة في أي جامعة إيرانية أو حتى في دولة غربية في مركز دراسات تابع لإيران مع توفير راتب شهري ومسكن ببركة أموال الخمس!!

ولأن المتشيع الجديد في هذه المرحلة يكون متحرجا من طرح موضوع زواج المتعة يتم بشكل استباقي إثارة السؤال حول الجدل من زواج المتعة، وتسرد كل الأدلة الشيعية في هذا المجال ويكون المتشيع المسكين مستسلما لـ(شيخه) ويستحضر في ذهنه جمال نساء لبنان، فتجتمع العاطفة مع الشهوة لتفعل فعلتها به.



المواصفات الفكرية للفريسة المحتملة:

هناك بعض المواصفات الفكرية للمتشيعين أو الذين تسهل عملية تشييعهم منها ما يلي:

- الاهتمام بالمطالعة وقراءة الكتب الفكرية والسياسية والفلسفية بعيدا كل البعد عن العلم الشرعي مما يفتح المجال للجرأة على النصوص الشرعية وتوظيفها خارج سياقها الشرعي، وهذا يسهل تقبل عقولهم للتأويلات السياسية التي تزخر بها الكتب الشيعية، والسبب راجع إلى مرحلة سابقة ركزت فيها الحركات الإسلامية على القضايا الفكرية مهملة العلوم الشرعية قصد بلوغ ما وصلت إليه الحضارة الغربية والتأصيل الفكري لمشروع حضاري إسلامي.

- الاهتمام بالقضية الفلسطينية والجدل السياسي حول آليات التحرير ومعاناة إخواننا هناك ومأساتهم، فينساق وراء عواطفه التي لا شك في صدقها وبقدر ذلك يكون حقده على الأنظمة العربية، وهذا الموقف مبني بالتالي على أسس عاطفية وليست عقلية، ويكون حقده على العلماء أشد وذلك لأنهم الحلقة الأكثر إستهدافاً من طرف المشيعين ليستهدف في مرحلة لاحقة علماء الأمة في كل العصور باعتبارهم ألد أعداء آل البيت عبر التاريخ.

- المتأثرون بنظرية المؤامرة التي ارتبطت في أدبيات الحركات الإسلامية باليهود، إذ ترجع أي تعثر إلى مؤامرة من طرف الأعداء وبما أن التشيع ارتبط منذ نشأته بهذه النظرية (مؤامرات الصحابة ضد آل البيت) فإن الطريق إلى التشيع يكون معبدا.

هذا العرض لمراحل التشيع وبعض المواصفات الفكرية والنفسية للمتشيعين وطبيعة وسطهم، رغم أنها لاتحيط بكل جوانب الظاهرة لتعقيدها واختلافها من حالة إلى أخرى، قد تزيل الاستغراب والدهشة التي تنتاب من يعلم بوجود متشيعين في المغرب العربي يسبون الصحابة ويطعنون في أمنا عائشة، وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب.